أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
سأل أحدهم قائلاً : اختلف المفسرون في معنى الاستفهام في قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾(البقرة:106) ، فقال الزمخشري :« الاستفهام للتقرير » ، وأيده أبو حيان . وقال ابن عطية :« ظاهره الاستفهام المحض » . وقال الرازي :« المراد بهذا الاستفهام : التنبيه » . وقال الزركشي :« الأوْلى أن يحمل على الإنكار » .
فأي معنى من هذه المعاني هو الصحيح ؟ وفي الإجابة عن ذلك قلت مستعينًا بالله :
أولاً- إذا دخلت همزة الاستفهام على نفي ، كما في قوله تعالى :
﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾(البقرة: 106)
﴿ أََلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾(البقرة: 107)
﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ ﴾(الحج: 70)
﴿ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ﴾(هود: 78)
﴿ أََلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ﴾(العنكبوت: 68)
احتمل الاستفهام معنيين :
أولهما : طلب الفهـم .
والثاني : التنبيه والتذكير .
ويترجح الثاني في الآيات السابقة بكون المستفهم هو الله عز وجل . فإن كان المستفهم غير الله جل وعلا ، احتمل الاستفهام المعنيين ؛ ولهذا لم يكن قول ابن عطية مستبعدًا حين ذهب إلى أن هذا الاستفهام ظاهره الاستفهام المحض .. وكان الرازي على صواب ، حين ذهب إلى أن الاستفهام للتنبيه .
ثانيًا- لا يجوز أن يكون الاستفهام في ذلك ونحوه للتقرير إلا بدخول الباء على ( أن واسمها وخبرها ) ؛ كما في قوله تعالى :﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾(العلق: 14) ، وكذلك على الخبر المنفي بـ( ليس ) ؛ كما في قوله تعالى :﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ ﴾(الزمر:37) .
وأما ما ذهب إليه الزمخشري من أن الاستفهام في آية البقرة للتقرير فيحمل على إرادة الباء ، فيكون تقدير الكلام عنده :﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ بأَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ ؛ كقوله تعالى :﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾(العلق:14) .. والله تعالى أعلم !
بقلم : محمد إسماعيل عتوك
0 التعليقات:
إرسال تعليق