الأحد، 12 فبراير 2012

الفرق بين الشَّكِّ والظَّنِّ والرَّيْب


أولاً- الشَّكُّ خِلافُ اليقين ، وهو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشَّاكِّ ، وأصله في اللغة من قولك : شكَكْتْ الشيءَ ، إذا جمعته بشيء تدخله فيه . والشَّكُّ هو اجتماع شيئين في الضمير ، لا يميل القلب إلى أحدهما . قال تعالى :﴿ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ﴾(يونس:94). أي : إذا كنت غير متيقن ، فاسأل ...

ثانيًا- وأما الظن فهو الاعتقاد الراجح لأحد الأمرين . ولما كان قبول الاعتقاد للقوة والضعف غير مضبوط ، فكذا مراتب الظَّنِّ غير مضبوطة ؛ فلهذا قيل : إنه عبارة عن ترجيح أحد طرفي المعتقد في القلب على الآخر ، مع تجويز الطرف الآخر . ولما كان ( الظن ) هو الاعتقاد الراجح لأحد الأمرين ، جاء نفيه بـ( ما ) في قوله تعالى :﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ﴾(الكهف:35) ؛ وذلك لأن من خواضِّ ( ما ) أن ينفى بها الشيء على سبيل الظن ، بخلاف ( لا ) التي ينفى بها على سبيل اليقين . والمراد أنه ليس على يقين من هلاك جنته ، تأمل قوله تعالى :﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ ﴾(الجاثية:32) ؟ كيف نفوا درايتهم بالساعة بـ( ما ) ، نفوا ذلك على سبيل الظن لا اليقين ، بدليل تعقيبهم عليه بقولهم :﴿ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (الجاثية:32) .

ولا يأتي الظن أبدًا في موضع اليقين التام ، خلافًا لبعضهم ؛ بل أعظم درجاته أن يأتي في موضع علم متحقق ؛ لكنه لم يقع ذلك المظنون . ومن هنا قالوا :« ليس الخَبرُ كالمُعاينة ، ولا الظنُّ كاليقين » .

واعلم أن الظَّنَّ ، إن كان عن أَمَارة قوية قُبِلَ ومُدِحَ ، وعليه مدار أكثر أحوال هذا العلم . وإن كان عن أَمَارَةٍ ضعيفة ذُمَّ ؛ كقوله تعالى :﴿ إَنَّ الظن لاَ يُغْنِى عَنْ الحق شَيْئاً (النجم:28) ، وقوله تعالى :﴿ إِنَّ بَعْضَ الظن إِثْمٌ (الحجرات:12) . وفي الحديث الصحيح :« إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث » ، متفق عليه .

ثالثًا- وأما الرَّيْبُ فهو شَكٌّ مع تهمة ، ودلَّ عليه قوله تعالى :﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾(البقرة:2) ، وقوله تعالى :﴿ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ﴾(البقرة:23) ؛ فإن المشركين مع شكهم في القرآن ، كانوا يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم بأنه هو الذي افتراه ! ويقرب من الرَّيْبِ : المُرْيَةُ . وقيل : هو بمعناه .

وأما قوله تعالى :﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي ﴾(يونس:104) فيمكن أن يكون الخطاب مع أهل الكتاب ، أو غيرهم ممن كان يعرف النبي صلى الله عليه وآله بالصدق والأمانة ، ولا ينسبه إلى الكذب والخيانة ؛ ولهذا قال تعالى :﴿ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي ، ولم يقل : إن كنتم في رَيْبٍ . أو : إن كنتم في ظَنٍّ ... والله تعالى أعلم !

بقلم : محمد إسماعيل عتوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق