الأربعاء، 22 فبراير 2012

خلاصة النصوص الجلية

خلاصة النصوص الجلية

فى نزول القرآن وجمعة وحكم إتباع رسم المصاحف العثمانية

لصاحب الفضيلة الأستاذ الكبير

الشيخ / محمد بن على بن خلف الحسينى الشهير بالحداد

شيخ عموم القراء والمقارىء بالديار المصرية


المقدمة:-

الحمد لله الذى خلق الإنسان علمه البيان ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبى الأمى الذى كتب عنة القرآن ، فما اعترته زيادة ولا اعتوره نقصان ، وعلى آلة وأصحابة نجوم الهدى وبدور العرفان وبعد : فيقول أحقر العباد محمد بن على بن خلف الحسينى الشهير بالحداد : هذه نبذة مفيدة ، ونخبة فريدة ، سميتها ( خلاصة النصوص الجلية، فى نزول القرآن وجمعه وحكم اتباع رسم المصاحف العثمانية) وضعتها لما رأيت أن الخطأ الفاحش قد تسرب للقرآن الكريم بواسطة الكثير من أرباب المطابع الذى يطبعون المصاحف مملوءة بالخطأ، مشوهة برداءة الورق والحروف ، وعدم العناية بنظافتها فضلا عن مخالفة رسمها الرسم القرآن الكريم ، الذى كتبت به المصاحف العثمانية ، وأجمع المسلمون قاطبة على وجوب اتباعة0

**********************

b

فضل الكتابة

إن أقوى عامل لابقاء كل نفيس رسمه وأوثق كافل لتخليد كل علم كتبه فإن الكتابة حرز حصين لما استودع فيه وحافظ متين لايخاف عليه النسيان وضابط للقول إذا حرف اللسان وأقرب وسيلة توصل الى الأمم الأتية أخبار القرون والمعارف الأمم الخالية : إنها لآية عجيبه وصناعة شريفة فهى تذكرة يرجع إليها عند النسيان لأ نة لايطرأ عليها مايطرأ على الأذهان0

ولقد أحسن من قال:

الكتابة من أجل صناعة البشر وأعلى شأن ومن أعظم منافع الخلق من الإ نس والجان لإ نها حافظة لما يخاف عليه من النسيان , وقاضية بالصواب من القول إذا حرف اللسان

وقال آخر: لولا ماعقدته بالكتابة من تجارب الأولين لا نحل مع النسيان عقود الآخرين0

وقد أخطا من اعتمد على حفطه وغفل عن تقييد العلم فى كتبه ثقة بما استقر فى نفسة لأن التشكيك معترض والنسيان طارىء0 فكان عمر بن عبد العزيز رحمة الله يصلى بالليل فإذا مرت بة آية فهم منها شيئا سلم من صلا تة وكتبه فى لوح أعدة ليعمل به فى غده وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا نزل علية آية أو سورة يأمر كتبة الوحي عقب النزول فورا أن يكتبوا عنة ما نزل لا لخوف أن ينسى

( سنقرئك فلا تنسى ) ** ( إن علينا جمعة وقرآنة )

بل لإرشاد الأمة إلى ضرورة وضع رسمه فى السطور كما يجب عليهم حفظ لفظه ونظمه فى الصدور

( بل هو آيات بينات فى صدور الذين أوتو العلم )

فوجب على الأمة ذلك تحقيقا لوعد الله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر( وإنا له لحافظون).

فإن من اؤتمن فى أمانة يجب عليه أن يحتاط فى حفظها غاية الاحتياط بوضعها فى آمن حرز ولذ كتب سلف هذه الامة الصالح " الصحابة رضوان الله عليهم " المصاحف وكان ذلك من تمام العناية فى الإحتياط ولحفظ القرآن من أن يكيد كائد فى الدين فيبدل شيئا من القرآن نظما أو رسما فيحصل إختلال يؤدى إلى ضلال وبعد إجماعهم عليها بعثوا إلى كل أفق مصحفا ليرجع إلى هذا المصحف المجمع عليه فيظهر الحق ويبطل الكيد أو الوهم فذلك القرآن الذى نتلوه بألسنتنا ونحفظه فى صدورنا ونثبته فى مصاحفنا وتلته الأمم قبلنا وحفظتة وأثبتتة حتى أدتة الينا لم يقع فيه شىء من تغيير ولاتحريف مع مضى الكثير من القرون رغم الحاد الملحدين وكيد الكائدين على طول العصور ومرور الدهور.

فالصحابة رضى الله عنهم أول من قام بهذا الفرض جزاهم الله عن الامة أحسن الجزاء0

************************

c

نزول القرآن

*************

أول مانزل من القرآن قوله تعالى (اقرأ باسم ربك) إلى قولة (علم الإنسان مالم يعلم) ثم إنقطع النزول ثلاث سنوات وهى مدة فترة الوحى ثم تتابع نزول الوحى بالقرآن مفرقا فى عشرين سنة وهو أعون على الحفظ وأيسر للذكر فحفظه الصحابة وهم ألوف على مهل ومكث بترتيب سورة وآياته وجميع وجوة كلماته

(وقرآنا فرقناة لتقرأة على الناس على مكث ونزلناة تنزيلا)

(كذلك لنثبت بة فؤادك ورتلناه ترتيلا)

فمنه مانزل آية أو أكثر وهو الأغلب ومنه ما نزل سورة كاملة كالفاتحة والاخلاص و الكوثر وكان صلى الله عليه سلم يقرىء الصحابة مانزل عليه فوا فيحفظونة عن ظهر قلب وبعد إتقان الحفظ والتثبت من تمام الضبط يأخذون فى نشره فيعلمونه من لم يشهد نزول الوحى به من اهل مكة والمدينة ومن حولهم فلا يمضى يوم أو يومان إلا وقد حفظ مانزل عدد يكاد لايحصى وبعث رسول الله صلى الله علية وسلم إلى المدينة قبل الهجرة جماعة من حفظة الصحابة يعلمون القرآن لأهلها ، وكان عليه الصلاة والسلام بعد الهجرة إذا هاجر الرجل إلى المدينة دفعه إلى رجل من أولئك الحفظة يعلمه القرآن0

ولما فتح مكة ترك فيها معاذ بن جبل لذلك ، وكان لأكابر الصحابة مزيد اعتناء ، وعظيم اهتمام بتعرف فقه القرآن ومعانية وإتقانه حفظا وكتابة ، وضبط آياته ، وحروفها ، ووجوها لما شاهدوه فى النبى صلى الله عليه وسلم من كمال الإعتناء والإهتمام بالترغيب فى حفظة ، والأمر بتعهده ، وتوقيف أصحابه على ترتيب آيات سوره وتعلمهم مواضعها من السور نصا كما يأتى إن شاء الله قريبا0

فالصحابة رضى الله عنهم ضبطوا عنه صلى الله علية وسلم هذا الترتيب كما ضبطواعنه نفس الآيات و تلاوتها بجميع لغتها0 وكان للنبى صلى الله عليه وسلم كتبة متمكنون كل التمكن من الكتابة باللسان العربى كعلى وعثمان وعمر وزيد بن ثابت ومعاوية وابن مسعود وأنس بن مالك وعبد الله بن سلام قال معاوية قال لى رسول الله صلى الله علية وسلم:

( يا معاوية ألق الدواة وحرف القلم وانصب الباء وفرق السين ولا تغور الميم وحسن اللام ومد الرحمن وجود الرحيم)

وضع قلمك على أذنك اليسرى فانة امكن لك فكان عليه الصلاة والسلام يملى عليهم مباشرة مانزل عليه من القرآن فيكتبونه فورا بحضرته على الالواح واللخاف وعسب النخل وغيرها ويقول لهم ضعوا هذة الآية بعد آية كذا من سورة كذا وكانت كتابة مانزل من القرآن ملتزمة منهم حتى فى زمن الإختفاء فى صدر الإسلام وبهذه الكيفية كتب القرآن كله من أوله إلى آخره وكانت تلك المكتوبات عند الصحابة أحب إليهم من كل نفيس وأغى من أنفسهم لتيقنهم أن القرآن هو السبب فى عزمهم وسعادتهم وأنة أساس دينهم وشريعتهم فكانوا يبذلون جميع مااستطاعوا فى سبيل حفظه كما أنزل مصونا عن أدنى شائبة نقص أو زيادة

(اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا )

ثم انتقل رسول الله صلى الله علية وسلم والصحابة ألوف مؤلفة ما منهم أحد إلا وهو يحفظ قسطا وافرا من القرآن وفيهم مئات يحفونه كله بتمام الضبط والإتقان عن ظهر قلب مجموعا مرتبة ترتيبا معلوما لكل واحد منهم قال معاذ عرضنا القرآن على النبى صلى الله عليه وسلم فلم يعب أحدنا منا وقد ظهر الإسلام فى جميع أنحاء جزيره العرب كاليمن والبحرين وعمان ونجد وبلاد مضر وربيعة وقضاعة والطائف ومكة ليس فيها مدينة ولا قرية ولا حلة عرب إلا وقد قرىء فيها القرآن وعلمه الصبيان والنساء وكتب وحفظ فى الصدور وكان المكتوب بحضرته صلى الله عليه وسلم وبين يديه فى الرقاع متفرقا عند الصحابة ولم يكن بين المسلمين إختلاف فى شىء من الدين كلهم أمة واحدة على دين واحد0

**********************

d

جمع القرآن فى خلافة أبى بكر

*********

بعد وفاته صلى الله عليه وسلم تولى الآمر أبو بكر رضى الله عنه سنتين وستة أشهر فغزا فارس والروم وفتح مكة وزادت قراءة الناس للقرآن وكان فى زمن خلافته الوئام التام بين المسلمين ، ولما رأى عمر رضى الله عنه مايدعو إلى جمع القرآن أشار على أبى بكر رضى الله عنة بضرورة جمعه فى كتاب واحد بمشهد من جميع الصحابه وملأ من الحفظة والكتبة ، ولما استقر رأيهما على ذلك بعد الاباء والاقناع أحضرا زيد بن ثابت وأبديا له ما استقر الرأى علية فاستعظمه أولا ثم بدت له المصلحة فية فوافقهما وعزم على ماعزما عليه فجمع أبو بكر الحفظة المشهود لهم بالضبط والإتقان وكان من أجلهم زيد وأبى بن كعب وعثمان وعلى وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن زبير وعبد الله بن مسعود وعبد الله ابن السائب وخالد بن الوليد وطلحة وسعد وحذيفة وسالم وأبو هريرة والصامت وأبو زيد وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعرى وعمرو بن العاص فاجتمعوا برئاسة زيد بن ثابت فى منزل عمر ليتشاوروا فى كيفية جمعه وتخصيص عمل كل واحد منهم ثم أخذوا يوالون إجتمعاتهم فى مسجد المدينة لكتابة القرآن وكلهم كانوا يحفظونه عن ظهر قلب وكانوا قد اعتنوا قبل بكتابتة جملة مرار من ذاكرتهم ليتحققوا منضبطهم له وحفظهم إياه وجاء من كان كتب مصحفا بمصحفة وأحضروا كل الصحائف والقراطيس التى كتبوا فيها القرآن بحضره النبى صلى الله عليه وسلم واملائة وعهدوا إلى بلال أن ينادى بانحاء المدينة أن من كانت عنده قطعة عليها شىء من القرآن فليأت بها الى الجامع وليسلمه إلى الكتبة المجتمعين لجمع القرآن فليأت بها إلى الجامع وليسلمها إلى الكتبة المجتمعين لجمع القرآن على مشهد الصحابة وجىء بعدد كثير من القطع وما كانوا يقبلون قطعة حتى يتحققوا أنها كتبت بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم إذ كان غرضهم ألا يكتب إلا من عين ما كتب بين يديه صلى الله عليه وسلم وما كانوا يفعلون ذلك إلا مبالغة فى الإحتياط ومغالاة فى التحفيظ وايغالا فى الضبط لئلا يكون مجال للشك فى تمام الضبط فكتب زيد القرآن جميعه قال حتى وصلنا إلى آية (لقد جاءكم رسول) من سورة التوبة ففقداناها حتى وجدناها مكتوبة عند أبى خزيمة بن أوس بن زيد الأنصارى وقال حتى وصلنا إلى سورة الأحزاب ففقدت آية منة قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مكتوبة مع خزيمة بن ثابت الانصارى

(من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه)

فألحقناها فى سورتها فى المصحف وبعد تمام جمعه فى المصحف جمع عمر رضى الله عنه جميع الحفظة والصحابة وقرأه عليهم فلم يقع من أحد منهم اعتراض حين العرض ولا بعده وبعد إجماع أكابر الصحابة على هذا الترتيب الذى فى هذا المصحف لايمكن أن يقال أنهم رتبوا القرآن ترتيبا سمعوا النبى صلى الله عليه وسلم يقرؤه على خلافه فكان ذلك أعظم فرض قام به سلفنا الصالح ( أى الصحابة ) وأفضل من لهم علينا إلى يوم القيامة ومصداق وعده تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) 0

ثم توفى أبو بكر رضى الله عنه وهوأعظم الناس أجرا وتولى الأمر بعده عمر رضى الله عنه وفتح كثيرا من البلاد كالشام ومصر، ولم يبق بلد إلا وقرىء فيها القرآن وعلمه الصبيان فى المكاتب شرقا وغربا من مصر إلى العراق إلى الشام إلى اليمن فما بين ذلك وبقى كذلك عشرة أعوام وأشهرا وكان عندهم المصحف الذى كتب فى زمن خلافة أبى بكر ومن بعده بقى عند بنتة ام المؤمنين حفصة رضى الله عنها ثم أصيب الإسلام بموت عمر وولى الأمر بعده عثمان اثنى عشر عاما فزادت الفتوحات واتسع الأمر ثم وجدت الدواعى ومست الحاجة إلى نشر المصاحف فجمع عثمان الصحابة رضى الله عنهم وعدتهم يومئذ تزيد على اثنى عشر ألفا بالمدينة وطلب المصحف من ام المؤمنين حفصة وأحضر زيد بن ثابت وعبد الله بن زبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هاشم وأمرهم أن ينسخوا منة برئاسة زيد فنسخوا منة عدة مصاحف من غير تبديل ولازيادة ولانقص عما كان عليه المصحف الذى كتبة زيد بأمر أبى بكر وأقرها الألوف من الصحابة وإنما أمر عثمان الصحابة أن ينسخوا من مصحف أبى بكر مع كونهم جميعا من الحفظة لتكون مصاحفهم مستندة إلى أصل أبى بكر المستند إلى اصل النبى صلى الله عليه وسلم المكتوب بين يديه وجعل زيدا رئيس الكتبة للمصاحف لأنة هو الذى كتب مصحف أبى بكر ثم بعث عثمان رضى الله عنه فى كل أفق بمصحف من المصاحف التى نسخوها وأمر بتحريق ما سواها نقل الجعبرى عن أبى على أن عثمان رضى الله عنه أمر زيد بن ثابت أن يقرىء بالمدنى وبعث عبد الله بن السائب مع المكى والمغيرة بن شهاب مع الشامى وأبا عبد الرحمن السلمى مع الكوفى وعامر بن عبد قيس مع البصرى وبعث مصحفا إلى اليمن وآخر إلى البحرين فلم نسمع لهما خبرا ولاعلمنا من نفذ معهما اهـ وفى المقنع للإمام أبى عمرو الدانى بإسناده إلى مصعب بن سعد قال أدركت الناس حين شقق عثمان رضى الله عنه المصاحف فاعجبهم ذلك ولم يعبه أحد وقال العلامة على بن سلطان القارى فى شرحه للعقيلة وقال انس بن مالك رضى الله عنه أن عثمان أرسل إلى جند من أجناد المسلمين مصحفا و أمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف الذى أرسل إليهم إنتهى 0

***********************

e

حكم إتباع رسم المصاحف العثمانية

*************

أجمع المسلمون قاطبة على وجوب إتباع رسم مصحف عثمان ومنع مخالفتة

قال الإمام أبو عبدالله الشهير بالخراز فى كتابه مورد الـظمآن فى رسم القرآن

وبعده جرده الإمام فى مصحف ليقتدى الأمام

ولا يكون بعده اضطراب وكان فيما قد رأى صواب

الى أن قال:-

فينبغى لأجل ذا أن نقتفى مرسوم ما أصلة فى المصحف

ونقتدى بفعله وما رأى فى جعله ؟؟؟؟ يخط ؟؟؟

قال العلامة ابن عاشر فى شرحه أى يطلب منا أن نتبع فى قراءتنا المرسوم الذى جعله لنا (عثمان رضى الله عنه ) فى المصحف أصلا وأن نقتدى فى كتبنا القرآن بكتبه رضى الله عنه وبرأيه فى جعله المصحف ملجأ أى مفزعا وحصنا وإماما متبعا لمن يكتب إلى أن قال إن الشروح أطبقوا على تفسير ينبغى بيجب وإن كان الغالب إستعمال هذه المادة فى الندب اهـ

ويؤيد ما أطبق علية الشراح قوله فى عمدة البيان

فواجب على ذوى الأذهان أن يتبعوا المرسوم فى القرآن

قال العلامة ابن عاشر ووجه وجوبه ماتقدم من إجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم عليه وهم زهاء إثنى عشر ألفا الأجماع حجة حسبما تقرر فى أصول الفقة انتهى0

وقال أبو محمد مكى فى الابانة وقد سقط العمل بالقراءات التى تخالف خط المصحف فكأنها منسوخة بالإجماع على خط المصحف اهـ

وقال ابو عبد اللة الخراز فى مورد الضمان

ومالك حض على الاتباع لفعلهم وترك الابتداع

قال شارحه العلامة ابن عاشر أشار الناظم بهذا إلى ماذكره فى المحكم بسنده إلى عبد الله بن عبد الحكم قال قال أشهب سئل مالك رحمه الله فقيل له أرايت من استكتب مصحفا اليوم أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء اليوم فقال لاأرى ذلك ولكن يكتب على الكتبة الأولى اهو قد اقتصر فى المقنع على قول الإمام ولكن يكتب على الكتبة الأولى اهـ

وقد اقتصر في المقنع علي قول الإمام ولكن يكتب علي الكتبة الأولى ثم قال ولا مخالف له فى ذلك من علماء الأمة اهـ

وقال الجمبرى وهذا مذهب الأئمة الأربعة رضى الله عنهم وخص مالكا لأنه صاحب فتياه ومستندهم مستند الخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم ومعنى الكتبة الأولى تجريدها من النقط والشكل ووضعها على مصطلح الرسم من البدل والزيادة والحذف وقال الامام الشاطى رحمة الله تعالى فى العقيلة

وقال مالك القرآن يكتب بالكتاب الاول لا مستحدثا سطرا

قال شارحه العلامة على بن سلطان القارى والمعنى أن الإمام قال أن المصحف ينبغى أن يكتب على منهاج رسم الكتاب الأول الذى كتبة الصحابة لا حال كونه مستحدثا على مسطوراليوم عند العامة اهـ

وقال السخاوى رحمه الله حدثنا الإمام أبو القاسم الشاطبى رحمه الله بإسناده إلى أبى عمرو الدانى حدثنا عبد الملك بن الحسن حدثنى عبد العزيز بن على حدثنا المقدام بن مليك حدثنا عبدالله بن الحكم قال قال أشهب سئل مالك رحمة الله أرأيت من أستكتب مصحفا أترى أن يكتب على ما استحدثة الناس من الهجاء اليوم فقال لا أرى ذلك ولكن يكتب على الكتبة الأولى قال العلامة السخاوى رحمه الله والذى ذهب إليه مالك هو الحق إذ فيه بقاء الحالة الأولى إلى أن يعلمها الطبقة الأخرى بعد الاخرى ولا شك أن هذا هو الأحرى فى ذلك تجهيل الناس بأولية ما فى الطبقة الأولى وقال أبو عمر والدانى لا مخالف لما لك من علماء الأمه فى ذلك وقال أيضا فى موضوع آخر سئل مالك عن الحروف فى القرآن مثل الواو والألف أترى أن تغير من المصحف إذا وجد فية كذلك قال لا قال أبو عمر : يعنى الواو والألف المزيدين فى الرسم المزيدتين فى الرسم المعدومتين في اللفظ نحو أولوا وقال الإمام أحمد رضى الله عنة تحرم مخالفة خط المصحف عثمان فى واو أو ألف أو ياء أو غير ذلك وقال البيهقى فى شعب الإيمان من كتب مصحفا فينبغى أن يحافظ على الهجاء الذى كتبوا به تلك المصاحف ولايخالفهم فيه ولايغير مما كتبوه شيئا فإنهم كانوا (أى الصحابة) أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة فلا ينبغى أن نظن باأنفسنا أستدرا كا عليهم كما فى الإتقان لشيخ مشايخنا الجلال السيوطى اهـ

وأيضا أن الرسم العثمانى له فوائد لاتوجد فى غيره (منها) الدلالة على أصل الحركة أو الحرف ككتابة الكسرة ياء والضمة واوا فى نحو إيتاء ذى القربى وسأريكم وككتابة الواو بدل الألف فى نحو الصلوة والحيوة (ومنها) النص على بعض اللغات الفصيحة ككتابة هاء التأنيث تاء مفتوحة على لغة طىء وكحذف آخر المضارع المعتل اللام بدون جازم فى نحو ( يوم يأت لاتكلم نفس إلاباذنه) على لغة هذيل (ومنها) أنة حجاب مانع من تلاوة القرآن على وجهه بدون موقف لأن الشأن التحفيظ على النفيس (ومنها) افادة المعانى المختلفة فى نحو قطع أم فى قوله تعالى أم من يكون عليهم وكيلا ووصلها فى قوله تعالى (أمن بمشى سويا ) فإن المقطوعة تفيد معنى بل دون الموصولة ( ومنها ) عدم تجهيل الناس باءوليتهم وكيفية ابتداء كتابتهم (ومنها) أخذ القراءات المختلفة من اللفظ المرسوم برسم واحد نحو " وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا " فلو كتبت كلمات بألف على قراءة الجمع لفاتت قراءة الأفراد فحذفت الألف ورسمت التاء مفتوحة لافادة القراءتين وفى مخالفة الرسم العثمانى مضار فظيعة ( منها ) ضياع القرآن الذى هو أساس الدين بضياع ركن من أركانه الثلاثة وهو موافقة الرسم العثمانى ويترتب على هذا محو الدين بمحو رسم أصلة الأساسى وقانونه الأكبر ( ومنها) ضياع لغات العرب الفصحى لعدم الإستدلال عليها من أصدق الحديث بضياع رسمه الأصلى التوقيفى (ومنها) جواز هدم كيان كثير من العلوم قياسا على هدم كيان علم رسم القرآن بدعوى سهولة تناوله للعموم فثبت بما ذكر من النقول الصحيحة والنصوص الصريحة أنة قد انعقد إجماع سائر الأمة من الصحابة وغيرهم على تلك الرسوم وأنة لايجوز بحال من الأحوال العدول عن كتابة القرآن الكريم ولانشره بصورة تخلف رسم المصاحف العثمانية0

والله الموفق والمعين0

*********************************

0 التعليقات:

إرسال تعليق