سألتني إحدى الأخوات الفضليات السؤال الآتي : ما إعراب لفظ ( لعمرك ) في قول الله تعالى :﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾(الحجر:72) ؟ وما الفرق بينه وبين ( عُمْرُكَ ) ، بضم العين ؟ فأجبتها بالآتي :
أولاً- أما الإعراب فاللام في ﴿ لَعَمْرُكَ ﴾ لام الابتداء ، الغرض منها التوكيد ، ويجوز حذفها ، وبذلك قرأ ابن عباس رضي الله عنهما :﴿ عَمْرُكَ ﴾ ، بدون اللام ، وهو مبتدأ ، خبره محذوف ، والتقدير : لَعَمْرُك قسمي . وهذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم خاصة ، ويصلح لجميع المؤمنين .. أقسم الله تعالى فيه بحياة رسوله صلى الله عليه وسلم تكريمًا له ؛ لأن الله تعالى لم يخلق إنسانًا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم .
ثانيًا- وأما المعنى فالعَُمْرُ ، بفتح العين وضمها : مدة البقاء في الحياة الدنيا . وقيل : العُمْر ، بضم العين مشتق من العَمْر ، بفتح العين ، وهو شغل المكان . أي : عَمْر الأرض . قال تعالى :﴿ وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا﴾(الروم:9) . أي : حرثوها وقلبوها للزرع والغرس . ومن الأول قوله تعالى :﴿ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ﴾(الأنبياء:44) . أي : مدة البقاء في الحياة . ومن الثاني قول النابغة في اعتذاره للنعمان بن المنذر :
لعَمْري وما عَمْري علي بهيِّن *** لقد نطقت بطلاً عليَّ الأقارعُ
وقيل : ألزموا الفتح في القسم ؛ لأنه أخف عليهم ، والعرب يكثرون القسم بالعمر؛ فلزموا الأخف فيه . وقيل : العُمْر ، بضم العين : البقاء بلا انقطاع . والعَمْر ، بفتح العين : الدين . أي لدينك الذي يَعْمُر . أي : يُعْبََدُ ، ومنه قول الشاعر :
أيها المنكح الثريا سهيلاً *** عَمْرُك الله ، كيف يلتقيان
أي : عبادتك الله . ويقال : عَمَرْت ربي . أي : عبدته . وفلان عامرٌ لربه . أي : عابدٌ له . ويقال : تركت فلانًا يَعْمُرُ ربَّه . أي : يعبده . ومنه قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ ﴾(التوبة:18) . أي : يعمرها بالحق والواجب ، ويتناول عمارتها رمَّ ما تهدَّم منها وتنظيفَها وتنويرَها وتعظيمَها واعتيادَها للعبادة والذكر . فعلى هذا القول يكون معنى ( لَعَمْرُك ) : لَعِبادتك . وعلى القول الأول يكون المعنى : لَحَياتك .. والله تعالى أعلم !
بقلم : محمد إسماعيل عتوك
0 التعليقات:
إرسال تعليق