الأحد، 12 فبراير 2012

مثل الفريقين : الكافر والمؤمن


قال الله عز وجل :﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾(هود:24) .

أولاً- هذا مثل الفريقين ، ضربه الله عز وجل لكل كافر ومؤمن ، ووجه ارتباطه بما قبله أنه سبحانه وتعالى ذكر أحوال الكافرين وما كانوا عليه من العمى عن طريق الهدى والحق ومن الصمم عن سماعه ، ثم ذكر أحوال المؤمنين وما كانوا عليه من البصيرة والهدى وسماع الحق والانقياد للطاعة ، ولما استوفى أوصاف الفريقين وأخبر بما يؤول إليه أمرهما ، ضرب للكل منهما مثلاً مطابقًا ، يصور فيه أحوال الفريقين بصورة حسية تجسم تلك الأحوال على طريقة التصوير القرآني ، فشبه الفريق الأول بالأعمى الذي لا يرى شيئًا وبالأصم الذي لا يسمع صوتًا ، وشبه الفريق الثاني بالبصير الذي يرى ما لا يراه المبصرون ، وبالسميع الذي يسمع ما لا يسمعه السامعون ، ثم نفى التسوية عن الفريقين لما بينهما من التفاوت الذي يدركه أصحاب الفطر السليمة ، وانتهى من ذلك كله إلى حض الكافرين على التذكر ، وتوبيخهم على ما هم عليه من غفلة وجهالة ، وتيه وضلالة .

ومن هنا يعلم أن المقصود من هذا التمثيل حض الكافرين على التذكر مع توبيخهم على استمرارهم في غفلتهم وضلالتهم ، وتثبيت المؤمنين على ما هم عليه من حق وهدى .

ثانيًا- وقوله تعالى :﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ . أي : الفريقين المعهودين في الذكر : الفريق الكافر ، والفريق المؤمن ، والفريق هو الجماعة التي تفارق . أي : يخالف حالها حال جماعة أخرى في عمل أو نحلة ، وهو مفرد في اللفظ جمع في المعنى ؛ فتثنيته غير حقيقية . ومثلهما هو المطابق لهما في تمام أحوالهما وصفاتهما ، وهو مشبَّه ، وموضعه رفع على الابتداء ، وقوله تعالى :﴿ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ﴾ مشبه به أخبر به عن المبتدأ . وللنحاة والمفسرين في هذا الخبر قولان :

أحدهما : أن تكون الكاف نفسها هي الخبر ، فيكون معناها معنى المثل ؛ فكأنه قيل : مثل الفريقين مثل الأعمى والأصم والبصير والسميع .

والثاني : أن يكون الكلام على حذف مضاف مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع خبرًا عن مثل . والتقدير : مثل الفريقين كمثل الأعمى والأصم والبصير والسميع .

وكلا القولين خطأ لا يجوز حمل الآية عليه : أما الأول فلأن الكاف للتشبيه بين المشبهين في صفة أو أكثر ، وأن مثل للمماثلة بين المتماثلين في تمام الصفات . وأما الثاني فلأن المشبه به في المثلين معنى موجود خارج الذهن ، وتقدير لفظ ( مثَل ) عقب كاف التشبيه يجعل من هذا المشبه به معنى موجود في الذهن . أي : غير موجود في الواقع . والفرق واضح بين أن يقال : مثل زيد كمثل عمرو ، وأن يقال : مثل زيد كعمرو .

وأكثر المفسرين على القول بأن التشبيه في هذا المثل هو تشبيه مفرد لا مركب ، وأنه من باب تشبيه اثنين باثنين ، فشبه الفريق الكافر أولاً بالأعمى الذي لا يهتدي إلى الدلائل التي طريق إدراكها البصر ، ثم شبه بالأصم الذي لا يفهم المواعظ النافعة التي طريق فهمها السمع ، وشبه الفريق المؤمن أولاً بالبصير الذي يبصر ما لا يراه المبصرون بأعينهم ، ثم شبه بالسميع الذي يسمع ما لا يسمعه السامعون بآذانهم . والواو في قوله :( والأصم ) للعطف على ( الأعمى ) ، عطف أحد المشبهين على الآخر ، ومثلها الواو في قوله :( والسميع ) . ومن الإيجاز البليغ في هذا التمثيل عطف هذه التشبيهات المتقابلة للفريقين بهذه الواو ، وترك التوزيع والتفريق للمخاطب بين ما لكل من التشبيهين المتضامين .

وقدم تشبيه الفريق الكافر مراعاة لما تقدم من ذكر الكافرين الذين وصفوا بأنهم ﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ (هود:20) . وإنما لم يراع هذا الترتيب في التمثيل ، فيقدم ( الأصم ) على ( الأعمى ) ؛ لكون الأعمى أظهر وأشهر في سوء الحال منه .

وقد نصَّ الزمخشري وغيره على أن الكلام في هذا التمثيل من باب اللف والنشر المرتب ، حيث لفَّ الفريق الكافر والفريق المؤمن اللذين هما مشبهان بقوله تعالى :﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ ، ثم أخبر عنهما على طريقة النشر المرتب بعد اللف بقوله :﴿ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ﴾ ، ولو فسَّرهما لقال : ( مثلُ الفريق الكافر كالأعمى والأصم ) ، و( مثلُ الفريق المؤمن كالبصيرِ والسَّميع ) .

واللف والنشر أسلوب بديع من أساليب البيان ، وهو- كما جاء في الإتقان للسيوطي- أن يذكر شيئان أو أشياء ؛ إما تفصيلاً بالنص على كل واحد ، أو إجمالاً بأن يؤتى بلفظ يشتمل على متعدد ، ثم يذكر أشياء على عدد ذلك ، كل واحد يرجع إلى واحد من المتقدم ويفوض إلى عقل السامع رد كل واحد إلى ما يليق به .

أما الإجمالي فمثاله قوله تعالى حكاية عن اليهود والنصارى :﴿ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى (البقرة:111) . أي : وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا اليهود ، وقالت النصارى : لن يدخل الجنة إلا النصارى . وإنما سوَّغ الإجمال في اللف ثبوت العناد بين اليهود والنصارى ، فلا يمكن أن يقول أحد الفريقين بدخول الفريق الآخر الجنة ، فوثق بالعقل في أنه يرد كل قول إلى فريقه لأمن اللبس . وقائل ذلك يهود المدينة ونصارى نجران .

وأما التفصيلي فقسمان : أحدهما : أن يكون على ترتيب اللف ؛ كقوله تعالى :﴿ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ﴾(القصص:73) ، فالسكون راجع إلى الليل ، والابتغاء راجع إلى النهار . ولو فسرهما لفال : جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ، وجعل لكم النهار لتبتغوا من فضله ؛ كما قال تعالى في موضع آخر :﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (يونس:67) .

والثاني : أن يكون على عكس ترتيبه ؛ كقوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾(آل عمران:106-107) .

ومن القسم الأول من هذين القسمين قوله تعالى هنا :﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ﴾ ، فالأعمى والأصم راجعان إلى الفريق الأول ، والبصير والسميع راجعان إلى الفريق الثاني ، وهو النشر المرتب بعد اللف .

ولا يخفى ما فيه من المقابلة بين ( الأعمى والبصير ) ، وبين ( الأصم والسميع ) ، والأصل في المقابلة أن يجمع بين متضادين مع مراعاة التقابل ، وأن يجاور المناسب ما يناسبه ؛ كما في قوله تعالى :﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ (غافر:58) . وقد يقدم مقابل الأول ، ويؤخر مقابل الآخر ؛ كما في قوله تعالى :﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ﴾(فاطر:19-22) .

وقد يتأخر المتقابلان خلافًا لما تقدم ؛ كما في قوله تعالى هنا :﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ﴾ ؛ وذلك لحكمة أشار إليها أبو حيان بقوله :« ولم يجيء التركيب ( كالأعمى والبصير ، والأصم والسميع ) ، فيكون مقابلة في لفظ الأعمى وضده ، وفي لفظ الأصم وضده ؛ لأنه تعالى ، لما ذكر انسداد العين أتبعه بانسداد السمع ، ولما ذكر انفتاح البصر أتبعه بانفتاح السمع ؛ وذلك هو الأسلوب في المقابلة ، والأتم في الإعجاز » . وقال الدكتور محمد حسين علي الصغير في كتابه ( نظرية النقد العربي ) :« وقد يجيء نظم الكلام على غير صورة المقابلة في الظاهر ، إذا تؤمل كان من أكمل المقابلات » ، ومثل لذلك بقوله تعالى :﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ﴾ . ومن خلال هذا التقابل بين الصورتين ، تتّضح الفوارق الجوهرية بين المثلين ، ومن ثمّ استحالة المساواة بينهما بأي شكل من الأشكال .

ثالثًا- ثم قال تعالى :﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ﴾ ، وهو جملة استفهامية متضمنة لمعنى النفي واقعة موقع البيان للغرض من التمثيل ، وهو نفي استواء المثلين ، والمعنى : لا يستويان مثلاً ، وكيف يستوي الضدان ، وما بينهما من الاختلاف الظاهر الواضح ما لا يقدر عاقل أن يتفوه باستوائهما ؛ لأن أحدهما في أعلى المنازل ، والآخر في أدناها ، فلا يستويان في الابتداء والانتهاء ، فـ﴿ فَرِيقٌ فِي الجنة وَفَرِيقٌ فِي السعير (الشورى:7) ، والغرض من الاستفهام الإنكار .

واستفهام الإنكار المتضمِّن للنفي لا يحتاج إلى إجابة ؛ لأنها إجابة مقررة ، ولا يُنْفَى به في القرآن إلا ما ظهر بيانه ، أو ادُّعِيَ ظهورُ بيانه ، فيكون ضارب المثل ؛ إما كاملاً في استدلاله وقياسه ؛ كقوله تعالى :﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً (الزمر:29) ، وقوله تعالى هنا :﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾(هود:24) . وإما جاهلاً بهما ؛ كذلك الإنسان الذي قاس قدرة الخالق جل وعلا بقدرة المخلوق ، واستدل به على عجز الله جل وعلا عن إحياء العظام الرميمة في قوله تعالى :﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾(يس:78) .

وانتصب ( مثلاً ) على التمييز المحول عن الفاعل ، وأصله : هل يستوي مثلاهما ؟ وأفرد التمييز ولم يأت بصيغة التثنية ؛ لأن الأصل في التمييز الإفراد لكونه مبنيًّا للجنس . وقال الفرَّاء : ولم يقل : هل يستوون ؛ وذلك أَن الأَعمى والأصمَّ من صفةِ واحدٍ ، والبصير والسَّميع من صفة واحدٍ ؛ كقول القائل : مررت بالعاقل واللبيب ، وهو يعنى واحدًا . وقرىء :( مثلين ) ، فطابق ( مثل الفريقين ) .

و( يستوي ) من الأفعال التي لا يكتفي فيها بفاعل واحد . لو قيل : اسْتَوَى زيدٌ ، لم يصح إلا إذا أريد به معنى الاعتدال ؛ كقولك : استوى زيد في نفسه . أي : اعتدل . فإذا أريد به معنى التسوية وجب أن يقال : استوى زيد وعمرو في كذا . أي : تساويا . وإثباته لا يدل على عموم المساواة ، وكذلك نفيه ، لو قيل : لا يستوي زيد وعمرو . ولم يستعمل في القرآن بهذا المعنى إلا منفيًّا ؛ كالأمثلة السابقة ، وكقوله تعالى :﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ (الأنعام:50) ، وقوله تعالى :﴿ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾(الحشر:20) .

رابعًا- ولما كان المراد من قوله تعالى :﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ﴾ : لا يستويان مثلاًً ، حسن تسبب الإنكار عنه في قوله تعالى :﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ ؛ لأن القضية من الثبوت والوضوح بحيث لا تحتاج إلا لمجرد التذكر لهذه الحقيقة المعروفة ، والاعتبار بها . والتذكر أدنى التفكر ؛ وكأنه قيل : تفكروا بأدنى التفكر ؛ لأن ما بين المثلين من الاختلاف الظاهر والتفاوت البيِّن لا يخفى على من له أدنى تذكر ، وعنده أقل تفكر واعتبار . ومعنى إنكار عدم التذكر : استبعاد صدوره منهم ، وأنه مما لا يصح أن يقع ؛ ولهذا وُبِّخوا على عدم تذكرهم ، واستمرارهم في غفلتهم وضلالتهم .

وجاء التعبير بقوله تعالى :( تذكرون ) ، ولم يأت بـ( تفكرون ) أو بـ( تعقلون ) ؛ لأن الأمر ظاهر واضح لا يحتاج إلا إلى إزاحة الغفلة عن تلك القلوب التي لا تعقل ، وتلك العقول التي لا تفكر .

وقرأ الجمهور :( تذّكرون ) بتشديد الدال . وأصله : تتذكرون ، فقلبت التاء دَالاً لقرب مخرجيهما وأدغمت في الذال . وقرأ حفص ، وحمزة ، والكسائي :( تذَكرون ) بتخفيف الذال ، على حذف إحدى التاءين من أول الفعل .

ويتفق النحاة والمفسرون على أن الفاء في قوله :( أفلا ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، ثم اختلفوا في المعطوف عليه على قولين :

أحدهما : أنه محذوف مقدر بين الهمزة والفاء . أي : أتشكون في عدم الاستواء ، أو تغفلون عنه ، فلا تتذكرون ؟ أو : أتسمعون هذا ، فلا تتذكرون .

والثاني : أنه مذكور ، وهو قوله :﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ، والفاء مؤخرة عن تقديم ، وأصل التركيب :( فألا ) ، ثم قدمت الهمزة على الفاء ؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام ، فقيل :( أفلا ) ؟ . وقيل : الأصل :( فلا تذكرون ) ، ثم أدخلت الهمزة على الفاء العاطفة .

وهذا قول سيبويه ، وعليه جمهور النحاة والمفسرين . وأما القول الأول فهو أحد قولين للزمخشري ، ثم عدل عنه إلى قول الجمهور ، ومع ذلك فإن كثيرًا من المتأخرين والمعاصرين مازالوا يرددونه . وعلى القولين تكون ( أفلا ) مركبة من همزة الاستفهام ، والفاء العاطفة ، ولا النافية .

والصواب من القول أن جملة ﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ مستأنفة ، وأما ( أفلا ) فهي أداة كانت في الأصل : ( ألا ) ، ثم أدخلت فاء السبب بعد الهمزة ، واستعملت في الحض على الشيء ، والتوبيخ على عدم فعله . ولكون ( ألا ) ترد للتحضيض تارة ، وللتنبيه تارة أخرى ، ذهب السكاكي في ( مفتاح العلوم ) إلى أن قوله تعالى :﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ تنبيه وتوبيخ ، وتابعه القزويني في ( الإيضاح في علوم البلاغة ) ، فذهب إلى أنه : تنبيه توبيخ ، بإضافة الثاني إلى الأول . وكونه للحض والتوبيخ هو الأولى .. والله تعالى أعلم !

بقلم : محمد إسماعيل عتوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق